كتب : دكتور نفر ننشر نص كلمة وزير الخارجية سامح شكرى، فى إفتتاح معرض “أوزيريس ..مصر وكنوزها”، خلال زيارته إلى باريس للمشاركة فى إفتتاح معرض “أوزيريس، مصر وكنوزها المغمورة” الذى ينظمه معهد العالم العربى بباريس خلال الفترة من 8 سبتمبر 2015 وحتى 31 يناير 2016، والذى افتتحه الرئيس الفرنسى “فرانسوا هولاند”، بحضور كل من الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار، والمهندس خالد رامى وزير السياحة، ويلقى شكرى كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى بهذه المناسبة. فخامة الرئيس “فرانسوا هولاند” السيد “جاك لانج” رئيس معهد العالم العربى السيد “فرانك جوديو” السادة أصحاب المعالى والسعادة السيداتُ والسادة، الحضور الكريم إنها لسعادة غامرة لى أن أشارك معكم اليوم فى فعاليات إفتتاح معرض “أوزيريس، مصر وكنوزها المغمورة”، وهو المعرض الإستثنائي الذى ينظمه معهد العالم العربى، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية، والذى يتضمن مجموعة فريدة من الآثار التى توصلت إليها عمليات التنقيب البحرى التى أجريت على مدار السنوات الماضية فى خليج أبى قير أمام سواحل الإسكندرية بقيادة عالم الآثار الشهير “فرانك جوديو”، بالإضافة إلى تشكيلة نادرة من المقتنيات الأثرية التابعة لعدد من كبريات المتاحف المصرية. يأتي إنعقاد هذا المعرض تجسيداً لوشائج الصداقة الفرنسية المصرية على مر العصور، وتعبيراً عن العلاقات المتميزة التى تربط بين البلدين على المستويين الشعبي والرسمي، كما أنه يأتي فى وقت غاية فى الأهمية تسير فيه مصر بخطوات ثابتة وواثقة نحو تحقيق نهضة حقيقية فى شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مستلهمة تاريخها العريق وتراثها المجيد من أجل إستشراف مستقبل مشرق لشعبها وأمتها عازمة على خوض معركة البناء والتنوير بالإعتماد على سواعد أبنائها الأبرار ودعم شركائها الأوفياء، وعلى رأسهم فرنسا. السيدات والسادة ينعقد هذا المعرض كذلك فى ظل تحديات متنامية تواجهها منطقة الشرق الأوسط، بما فى ذلك تحدى الحفاظ على التراث الثقافى والحضاري الغني الذى يرجع إلى آلاف السنين، سواء فى مواجهة أعمال نهب الآثار والإتجار غير المشروع فيها من قبل شبكات الجريمة المنظمة، أو فى مواجهة عمليات التخريب والتدمير المتعمد التى ترتكبها الجماعات الإرهابية، وهى التحديات التى حدت بمصر لإستضافة مؤتمر الممتلكات الثقافية تحت التهديد فى القاهرة فى مايو الماضى، والذى كان أول مؤتمر على مستوى العالم لمناقشة الجرائم التى ترتكب ضد التراث التاريخي لمنطقتنا مهد الحضارات الإنسانية، وذلك بالتعاون مع منظمة اليونسكو، تلك المنظمة التى يربطها بمصر وتراثها علاقات طويلة منذ حملة إنقاذ آثار النوبة من الغرق وحتى الآن. وأنتهز هذه الفرصة لأعرب عن صادق إمتناني للمبادرة التى أطلقها فخامة الرئيس “فرانسوا أولاند” مؤخراً بتكليف متحف “اللوفر” ببلورة مقترحات لحماية الممتلكات الثقافية فى حالات النزاع المسلح بالتعاون مع منظمة “اليونسكو”. إن تلك المبادرة لهى دليل إضافى على مدى تقارب الرؤى بين فرنسا ومصر إزاء المخاطر التى تهدد أمن منطقة الشرق الأوسط وتراثها، وهى المخاطر التى إخترنا أن نجابهها سوياً، إقتناعاً منا بأن التطرف والإرهاب لا يمكن أن ينتصرا فى النهاية، وإيماناً منا بأن البناء والإنفتاح هما أفضل السبل لدحر قوى التخريب والظلام ورفض الآخر. السيدات والسادة إننى فى حل من الحديث أمام هذا الحضور الكريم من رجال سياسة وفكر وأدب وفن فرنسيين عن الحضارة والتراث المصرى القديم، فالفرنسيون كما عهدناهم منذ عقود طويلة شديدو الولع بالحضارة الفرعونية وواسعو الدراية بالتاريخ المصرى القديم، ليس فقط لأن المناهج الدراسية فى المؤسسات التعليمية الفرنسية تتضمن شرحاً وافياً لهذا التاريخ، وإنما كذلك لأن المواطن الفرنسى المحب للترحال والمغرم بالمعرفة إنما تقوده بوصلته بشكل تلقائي إلى أرض الفراعنة مهد الحضارة الإنسانية، وهو يعرف تلك الحضارة عن ظهر قلب ويقدرها تقديراً كبيراً. وفى المقابل، أرجو أن تسمحوا لي أن أتوجه بجزيل الشكر لمعهد العالم العربى، الذى يمثل عن حق جسراً ثقافياً متميزاً بين فرنسا والعالم العربى، والذى اجتهد منذ إنشائه لإبراز التراث والثقافة المصرية بمختلف أشكالها، وعصورها، جنباً إلى جنب مع ثقافات عالمنا العربى الثرية، وها هو مرة أخرى يؤكد دوره الرائد فى هذا المجال، بحضور قوى من رأس الدولة الفرنسية، ورعاية ثمينة من مجتمع الأعمال فى فرنسا وفى مصر، وتغطية واسعة من وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يكفل لهذا المعرض نجاحاً مبهراً وحضوراً جماهيرياً غفيراً. ولا يفوتنى أيضاً أن أتوجه بالشكر للسيد “فرانك جوديو” عالم الآثار الجليل الذى أسهم بعمله وعلمه على مدار العقود الثلاثة المنصرمة، على رأس فريق المعهد الأوروبى للآثار البحرية، فى تحقيق إكتشافات غاية فى الأهمية أضفت الكثير على ثراء التراث المصرى القديم، وبما بات أشبه بتقليد فرنسي على مستوى الإسهام فى تعريف البشرية بحضارتنا المصرية، كما أتوجه بالشكر لكل من وزارتىّ السياحة والآثار المصريتين والمتاحف المصرية على إسهامهم القيم فى إنجاح هذا المعرض وإخراجه بصورة مبهرة. السيدات والسادة إن مصر التى وصفها “برستد” بفجر ضمير الإنسانية، صاحبة الهوية الفريدة، ستظل متنوعة الثراء ومصدر الإشعاع الحضارى لمنطقتها بل ولعالمها بأسره، وإن كانت عبقرية موقع مصر قد ساهمت فى نشر حضارتها وثقافتها، فإن إبداع مواطنيها كان وسيظل مصدر هذا الإشعاع وروحه، وإنجازات شعبها كانت وستظل مصدر إبهار وإلهام للبشرية، فها هو الشعب المصرى العظيم الذى أبى لأقدم دولة مركزية عرفها التاريخ أن تسقط، مدافعاً ليس فقط عن وطنه وإنما عن منطقته برمتها، ينتهى لتوه من تحقيق أحدث إنجازاته لمصر وللعالم، ألا وهو قناة السويس. وكما كانت فرنسا حاضرة فى مصر وضيف شرفها فى حفل إفتتاح القناة الجديدة منذ شهر مضى، فإن مصر حاضرة اليوم فى فرنسا من خلال هذا المعرض الإستثنائى، والذى وصفه البعض بأنه الأهم والأبرز فى الموسم الثقافى الجديد في فرنسا، مما يعكس عمق الروابط التاريخية بين مصر وفرنسا، وثراء علاقات الصداقة التى تربط بين الشعبين المصرى والفرنسي. السيدات والسادة، فى ختام كلمتى، أتوجه إليكم بالشكر على حُسن الإستماع، وأتمنى لكم زيارة طيبة للمعرض.